السبت، 20 فبراير 2010

صفعة ..



يجلس في بهو ساحة منزلهم يرتشف دخان الشيشة ثم ينفثها بين فتحات أنفه وبين أسنانه التي غلفتها الصفرة .. السعال يغزو جنبات جدراننا كلها .. هاهي تتلصص مراقبة بين دقيقة وأخرى تنتظر ابنلاجة لحظة من لحظاته المفرغة بينه وبين شهواته التي لا تنتهي .. كانت أبواب منزلهما تجثو مع الضجيج فلا تفتح من أثر الصوت القوي .. تسكتها بالغلق حتى لا ينكشف عليهما أحد .. لقد خذلها منذ ارتبطت به ولم تجد وسيلة تواصل بينها وبينه سوى صفعات يهوي بها على وجنتيها كلما نطقت بنصح أو توجيه فآثرت أن تسكت وتتأمل عن بعد وها هي ترتشف فنجان قهوتها لتريح رأسها من وقع الوجع منتظرة لشيء يحدث يخلصها مما فيه .. كانت تصرخ في أعماق نفسها قائلة :

من أنت لتقرع أصداء أنفاسي وتحيلها رماد ؟
من أنت لتسرق مني ضحكاتي بحجة ورقة اعتقدت أنها وسام أمان فسرقته وغرسته خنجرا يطعنني .. يشق اسمنت غرفتي .. قل لي فقط من أنت ؟

كنت أسمع أن ملفات المحاكم تعج بقصص الأسر المنكوبة ، لكنني لم أتخيل يوما أن أكون ضمن قائمة هذه الأسر .. فقد صارت لحظات حوارنا كدمات تفجر الآه كلما أسندت ظهري على مرتبة سريرك المرقع بغبار الهواء الخانق الذي تنفثه كلما ضيقت علي الخناق ومشيت أمامك ..

هذه المرة مختلفة فلم تطق سكوتا كعادتها ، لقد آثرت أن تنفجر في كل الوجوه حولها صارخة متضرعة :

أخرجوني من عوالمه المقيتة .. أريد الخلاص .. لن أمكث في أوحال وهن يصيبني بالكآبة ويدمر كل لحظات جمال حياتي الماضية .. لا أريده .. أقول لكم لا أريده ..

حين أخذ في ضربها كنت منكمشة على حالها ، كان الوجع يتصدر أنفاسها فتضيق بها ولا تخرج إلا متقطعة وكأنها تخبرها أنها تموت قبلها .. صدّت ضرباته بقدماها فلم تحملها ..
أرادت النهوض من على الأرض كي تستعيد بعض حطامها فهوت يده على وجهها .. تصفعها ؟ فصرخت في وجهه :


تصفعني بعد كل الصبر الذي كان مني .. بعد أن تحملت هفواتك .. غفواتك .. خياناتك ؟؟


كم أنت مجرم في حقي ؟
لقد حان الوقت لأغسل عار صمتي
..


لبست عباءتها وخرجت تحمل أضلاعها الملطخة .. تجرجرها بين خطوة لاهثة وأخرى حتى وصلت إلى مركز الشرطة لتقدم بلاغا على ما لحقها من أذى ..

السبت، 6 فبراير 2010

نجوم الكون ...







هكذا أنا أغرق في بحور متلاطمة الأمواج .. تتقاذف من هنا لهناك .. ترتفع عاليا لتسقط وسط الركام .. فتضرب الأرض بقسوتها وتحيل الأرواح رماد .. ويسقط مني ذلك الصندوق الذي خبأت فيه وجعي !! أبحث عنه طويلا .. أنتظر انحصار الموج .. رجوعه .. عودة الهدوء للشاطيء ولروحي لا أستطيع البحث جيدا فلربما وجدت أثرا من حفنة تراب ..

أسمع التصفيق يعلو من كل الجهات فأدرك بأن ما حصل مجرد غبار، من ينتظر الأيدي المصفقة لا يبارح القاع .. لا يرتفع أبدا ويبقى هكذا يتوه في سراب ..
خداع ملتوٍ .. أغطية فارغة ..

أضع يداي على أذناي أقفلهما .. أكره التصفيق ..
أمقت الوجوه الكثيرة ، أشتاق لخلوتي وعيوني التي ترمق نحو الأفق ..
ترتفع عاليا متأملة نجوم الكون التي تشوقني للعلو .. أرحل منها إليها .. أحمل روحي بين جنبي وأحلق فيها .. علّها تسلبني فتريحني وتغّير مشاعر وجدي وتنتشل همي لأغدو خلاف ما أنا !!



هناك فقط للأيدي شأن آخر .. وللتكبير بصمات أخرى ..


وحين ترتدي الأرواح أرديتها .. تسير في متون ساحاتها الطويلة لتحلق بين وجــنّات صبابة الوجد الذي يستشري في وسط مساحة الكون الذي ترتئيه بين لحظة وأخرى .. تتعلق بجذور قامة العلا .. ترفعها فهي أسس قوية الأركان .. واضحة المعالم .. سليمة الوجهة لا تعرجات تباغتها ولا سكك طويلة مظلمة تترصدها لأنها ذات َمعلم هادف ..



إنه كتاب الله وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ننهل من فيض معينهما لنواصل ونواصل حتى آخر رمق في أنفاسنا ..