الاثنين، 25 فبراير 2013

تحقيق : الخلط بين مفهوم الحرية والاحترام

الكثير من المواقف باتت اليوم تمر علينا وأصبحت مستنكرة لدى الكثير .. هروب من الحصص الدراسية ، خروج من الفصل والنوافذ أحيانا ؟!! ردود غير لائقة وألفاظ يجدها الشخص مشينة وتضعها الطالبات ضمن إطار حريتهن الشخصية
( عادي ، ما يهمني ن أنا حرة أفعل ما أشاء ….. وغيرها )

دخلت الفصل لزميلاتها وتناولت الكتاب من على الدرج وخرجت ، تعجبت المعلمة حينها وباغتتها ببعض الكلمات قائلة لها :هكذا !! بلا استئذان ولا سلام ؟؟!!

لقد أصبح مفهوم الحرية ليس له حدود ، فكل يفسر هذه الكلمات حسب وجهة نظره ، فهي فضاء واسع ليس له حدود .. وقد ساعد التطور التكنولوجي هذا اليوم في بلورة هذا المفهوم وزيادة اتساعه خاصة بعد دخول الشباب مجال الفضائيات والانترنت لهذا أصبح مفهوم الحرية هو :

عمل ما يراد فعله دون النظر لمدى ملاءمة هذا العمل أم لا ….




لقد أصبح التلاعب في هذه الأفكار يتسم بالميوعة وعدم الانضباط واكتسبت الشخصية مفاهيم بعيدة عن الغربلة والتنقيح الذي يضع هذه المفاهيم وفق أسس عقيدته ويتحلى بقوالب الأخلاق الرفيعة في التعامل وفق ضوابط شرعية لا يتجاوزها وقد يكون الانفتاح الفضائي والإعلامي له يد في ذلك :

يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " لا تكونوا إمعة تقولوا إن أحسن الناس أحسنا وإن ظلموا ظلمنا ، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساؤوا فلا تظلموا "

كيف نعزز مفهوم الحرية لدى الفتيات في المدارس دون الخروج عن الأطر التي يجب عليهم ألا يتجاوزونها ؟

لنستمع لمفهوم الحرية كما أدلت بها الفتيات :

تقول : عائشه محمد : هي أن يمارس المرء حياته بالطريقة التي يحب ويرتاح أن يكون عليه في ( عمل / ملبس / مأكل / هواية ) ويتكلم في أي أمر مبديا رأيه بالموافقة أو الرفض دون الخوف من أي ضرر أو أذى يلحق به ..

أما مريم ك فذكرت أن : الحرية هي : عش حياتك وافعل ما تريد

وترى ربا ش : أن الحرية هي أن يقوم الفرد بما يشاء من الأفعال وأن يعبر عن رأيه بما يشاء من الأقوال شريطة أن لا يتجاوز حدود القانون والأخلاق والشرع وأن لا يتعدى على حقوق الآخرين ..

وقالت شما خ :
( الحرية في نظري أن تكون الشخصية مستقلة غير مستهترة بمشاعر الآخرين)

أما بالنسبة لحرية التفكير فترى شيخه ص : أن الإنسان لا يحق له التفكير في كل شيء ..

وذكرت حصه ظ : أن الحرية تقتصر في نطاق ما أحله الله وأما فعل ما حرمه الله فليس من الحرية بل هو سقوط في المعصية

وترى عائشه محمد : أن حرية التفكير جائزة في أي أمر لأن الإنسان قد يخطر بباله أي شيء ، لكن التعبير والمناقشة في أي أمر فكر به يجب أن يكون وفق ضوابط ! لكنه قد يتكلم عن جهل أو عدم تقدير أو قلة احترام أو قد يجاهر ويدعو إلى فساد ..

تقول إحدى المعلمات دخلت أحد الفصول بعد أن انتظرت خروج زميلتي .. ألقيت نظرة على الطالبات وسلمت ، ثم لمحت في آخر الفصل إحدى الطالبات قد شرعت في الصلاة ، ثم بدأت أشرح الدرس وأراجع مع طالباتي وبعد انتهائها من الصلاة سألتها : يا ابنتي ، هل هذه فرصة صلاة ؟ فردت علي بكل ثقة : لا لكنني انشغلت في الفرصة ولم أصل فصليت الآن ، ألم يكن يجدر بها الاستئذان !!

عجبت مما سمعت ، فنحن فعلا نعاني من مشكلة تتعطش للحل ، الفتاة حريصة على الصلاة وهذا مؤشر على وعيها ، لكن هل تصرفها صحيح ؟ فعلا نعاني من اختلاط المعاني وتشابك المفهومين المستقلين ….)

هل ترين أن هناك خلط بين مفهوم الحرية والاحترام ؟


أجابت ربا ش قائلة : نعم ففي وقتنا الحاضر يخلط الناس بين حريتهم في أفعالهم وتعبيرهم عن رأيهم وبين احترام وجهات نظر الآخرين ومراعاة مشاعرهم حيث اعتقدوا أن مفهوم الحرية يمنحهم الحق في التصرف بلا حدود ..

أما عائشه محمد فقد قالت : من المفترض ألا يكون هناك خلط ، فالحرية أن أفعل أنا ما أريد دون أن أجرح مشاعر أحد أو أتعدى على أحد …

وقالت شيخه ص : أنه في وقتنا الحالي يوجد خلط بين المفهومين ..
ونفت حصه ظ ذلك قائلة : لا فالمفهومين واضحين …


لقد أصبحت الفتيات ترى أن الحرية هي لبس ما تشاء ويجب ألا تمنع في هذا الجانب فالإكثار من الإكسسوارات والتفنن في الملبس هي أبسط حقوق حريتها وترفض الكثيرات منهن سياسة التفتيش وتعتبره تقييد لحريتها …

كانت المعلمة تشرح درسها للطالبات وكنت أجلس مع زميلاتي في غرفة المعلمات وخلال ثوان وصلت رسالة لهاتف زميلتي ( مسج ) من إحدى الفتيات وهي في حصتها الدراسية تطلب منها أن تأتي لتخرجها وزميلاتها من الفصل ؟!!

لم تدرك الطالبة أن هذه التصرفات هي من التجاوزات التي لا يجب أن تتعداها وحين نبهتها المعلمة للخطأ الذي وقعت فيه ذكرت لها بأنها الهاتف أحضرته معها اليوم فقط لخروجهم لرحلة وهو أمر خاص بها …

وأخرى صبت وجهها بالألوان والحجة كذلك الذهاب للرحلة وحين طلبت منها الاختصاصية الاجتماعية غسل وجهها مسحته بالمحرمة وهي تتذمر وتتأفف ..


لهذا لابد من ضبط خروج الطالبات ورقابة الفتيات حتى لا يكون خروجها عبثيا أثناء الحصة فالمخالفات تحدث بسبب سوء فهم الحرية ، وقد ذكرت جريدة الوطن بأن طالبة صفعت مديرتها عندما حاولت منعها من التقشير وأخرى وضعت صرصور على كرسي المعلمة !!!

- كيف يتم علاج خلل مفهوم الحرية في عقول الطالبات في يومنا هذا ؟

ذكرت حصه ظ : أن التعليم لمفهوم الحرية يكون عن طريق المنزل والوالدين من البداية ويتم من خلال تدريس الذوقيات الإسلامية لهم فهي كفيلة بتصحيح المفاهيم ..وذكرت شيخه ص حلا لعلاج هذا الخلل قائلة : لابد من توضيح تعاليم ديننا ومنهجا الإسلامي وكيف أن المرأة معززة مكرمة بأخلاقها وذوقها ، وعرض بعض البرامج التي تعلم مفهوم الحرية الصحيح ( فنحن لا نغفل في يومنا الحالي كيف أكثر الإعلام في غرس بعض الجوانب التي أوضحت المفاهيم بطريقة عشوائية خاطئة ..

وقالت عائشه محمد :أن أصور لهم أن الحرية وإن كانت دائرة واسعة فإنها تظل دائرة ضمن حدود معينة ..

وترى ربا ش : أن ذلك يتم من خلال التوعية في وسائل الإعلام المختلفة وإقامة الندوات والمحاضرات في المدارس والجامعات بهدف ترسيخ مفهوم الحرية بمعناه الصحيح …

الحرية تعني التحرر من عبودية غير الله عز وجل والتحرر من الأغلال والقيود التي تفرضها المجتمعات الجاهلية وهي الميلاد الجديد للإنسان وإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ..


وبالنسبة لأثر الإعلام في تشويه مفهوم الحرية سألت : هل ترين أن الانفتاح في عصرنا الحالي من خلال وسائل الإعلام والانترنت ساعد على نشر مفهوم خاطئ عن الحرية ، وكيف

ذكرت ربا ش قائلة : نعم أعتقد أن وسائل الإعلام أدت إلى تشويه مفهوم الحرية بشكل كبير من خلال برامج المنوعات على الفضائيات حيث استهدفت فئة الشباب تحديدا وأصبح مفهوم الحرية يعني الانفتاح غير المحدود والذي يتجاوز القيم والدين ..

لقد افتقرت هذه البرامج إلى التحلي بالذوقيات والآداب وأصبح التجاوز فيها حرية ولباقة وقوة شخصية فحطمت الشخصيات الشبابية وأردت سلوكياتهم وجعلتهم يسقطون في متاهة قلة الذوق وأصبحت فتياتنا تتلقى الصبغة السلوكية منها فافتقرت للتربية لذلك …

وتذكر ربا ش بعض المواقف التي تدل على الخلط بين المفهومين قائلة :

مثل قيام الشخص برفع صوت المذياع من منطلق أن لكل شخص حرية القيام بما يريد في منزله دون احترام الجيران …

حتى أن الأستاذة أمل ع : ترى أن ظاهرة الخلط بين المفهومين للأسف منتشرة على نطاق واسع كعدم احترام وجود المعلمة في الفصل وعدم الاستئذان بحجة أن الطالب له مطلق الحرية في فعل ما يريد وعدم احترام وقت الحصة الدراسية وإبداء بعض التصرفات الخاطئة …

ليس من الحرية أن ……

تقول الأستاذة منى ل : الحرية الشخصية بالنسبة لي ممارسة كل السلوكيات والأفعال ضمن تقوى الله المتمثلة في فعل أوامره واجتناب نواهيه، فليس من الحرية أن أمشي مكشوفة الرأس أو أن أرتدي ملابس غير محتشمة .. كذلك أن أمارس السلوكيات دون إلحاق أذى بالآخرين فليس من الحرية مثلا أن أرفع صوتي عاليا في ساحة المدرسة أو الكلية وقت الحصص والمحاضرات ..

ابني له حرية الاختيار

وتعمقت الأستاذة ليلى (رياضيات) في حديثها عن الحرية:

الحرية الشخصية هي حق وتتلخص في احترام الشخص لذاته وحتمية ذلك باحترامه للآخرين،وقد رغبت أن يكون ابني طبيبا مشهورا ورغبة ابني تخالف ذلك فهو يرغب في دراسة الكمبيوتر ويهواها.. فيلزم عليّ احترام رغبته الشخصية..فهذا مثال للحرية الواجبة التي ينبغي أن تُمنح لكل إنسان..

هكذا لابد أن نتحرر

أن ندرك الغاية من وجودنا في هذا الكون فنحرر نفوسنا من أخلاق الجاهلية ونبحث عن التعامل بإنسانية في التعامل مع غيرنا ..

نرتفع بإيماننا وتصورنا لمفهوم الحياة ، ونصدق النية في التحلي بأخلاقيات نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم ..

نعم نتحرر حين نحترم حقوق الآخرين .. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : المسلم أخو المسلم لا يخونه ولا يكذبه ولا يخذله ، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ، التقوى ها هنا بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم " رواه الترمذي ( حديث حسن )

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياءً من العذراء في خدرها ، فإذا رأى شيئا يكرهه عرفناه في وجهه " متفق عليه

فالنبي صلى الله عليه وسلم على الرغم من مكنته لم يعتبر نفسه حرا في كل تصرفاته ، فكيف نعطي أنفسنا الحرية التامة في كل شيء ؟

كتب : 2 فبراير 2008

ليست هناك تعليقات: